يمكن للخيال أن يكون نعمة، لا لصاحبه فقط، بل للبشرية كلها. فلولا الخيال لما كانت الاختراعات التي غيرت وجه البشرية.
كيف يمكن أن نعيش بلا طاقة وكهرباء؟! وكيف للكهرباء أن تكون واقعا لولا خيال مخترعها؟!
كيف ستكون الحياة بلا طائرات؟! بلا سيارات؟! بلا قطارات؟!
وكيف أصبحت الطائرات والسيارات والقطارات جزءا من حياتنا لا نستطيع تخيلها بدون هذه الوسائل، لولا خيال إيجابي، نقل الأحلام إلى واقع غير وجه البشرية، وسهل حياة الإنسانية!
في المقابل، يمكن للخيال الذي يصنع أجمل الأشياء، أن يكون وبالا على صاحبه، لو كان جالبا للصور السوداوية، والمصائر الحزينة والأنفاق المظلمة التي لا يرى للضوء فيها أثر!
ألا يتحول كثير من الناس للمصحات النفسية، وعنابر مستشفيات الأمراض العقلية، بعد أن يسلموا أذهانهم لأفكار سوداء، تبدأ بفكرة صغيرة متخيلة لغدٍ مظلم، ثم تترعرع الفكرة الصغيرة، وتكبر في ذهن صاحبها، وتؤرقها الوحدة، فتطالب بأخوات يؤنسنها، فتكون فكرة سوداء ثانية، فثالثة، فعشرات الأفكار، ثم مئاتها، حتى يعيش الإنسان في جحيم الصور المؤلمة، والأحداث المأساوية، فيذهب عقله كمدا على هذه الآلام، التي سيطرت عليه، فتحولت بعد سيطرة الخيال، إلى حياة بائسة كئيبة مؤلمة مزعجة، البطولة فيها للكوابيس!
أليس الخيال، هو الذي سلم صاحبنا إلى العصفورية، أو مستشفى الأمراض العقلية؟!
أليس هو ذات الخيال، الذي كان حافزا لأجمل الأعمال الفنية والروائية أو المخترعات العلمية، التي نقلت البشرية من حال إلى حال؟!
ألا يجدر بنا أن نسوس خيالنا، كما يسوس الخيال فرسه، فيعسفها ويلجمها عندما تجمح، حتى تكون مطواعة، تقوده لأجمل الانتصارات؟!
وإلا، فستقذف بخيالها، على الأرض لترديه كسيرا، إن لم تطأها بحوافرها!