يجب أن نضع خطا أحمر تحت أي تصريح لا مسؤول لأي مسؤول في أية جهة كانت؛ حتى يتنبه إلى أن المسؤولية تحتم عدم إلقاء القول على عواهنه ودلقه على مسامع الناس دون تثبت من الحقيقة، خصوصا في أوقات المشاكل والأزمات والقضايا التي تشغل الرأي العام.
لقد حدث ما حدث في أزمة فيروس كورونا، وكانت نتيجة التراخي وعدم الدقة في العمل والاهتمام بالوصول إلى المعلومة المؤكدة وإيصالها للمجتمع ما نراه اليوم من واقع ما كان له أن يكون، فقد وصلت إحصائية المرض قبل يومين إلى 544 إصابة و176 وفاة، وعندما بدأت المؤشرات تتجه صوب الإبل كوسيط في الإصابة بالمرض كان الواجب أن يبدأ التنسيق الفوري بين وزارتي الصحة والزراعة لبدء عمل مشترك متناغم يستند إلى المنهج العلمي، ولكن لأن وزارة الصحة المعنية أساسا بالقضية لم يكن حضورها كما يجب، فإن وزارة الزراعة توارت عن الأنظار وكأنه لا دخل لها أبدا بالقضية من قريب أو من بعيد. وبعد أن بدأت وزارة الصحة مؤخرا عملا مختلفا للسيطرة على المرض، فإن وزارة الزراعة بدأت تظهر ولكن بشكل غير علمي وغير منطقي أبدا.
الوزارة تدافع عن الإبل بشكل يكاد يوحي بأنها وزارة تجار الإبل والدفاع عن حقوقها أو الراعي الرسمي للمزايين، وليس جهة من مسؤولياتها الأصيلة الاشتراك في حماية المجتمع ومشاركة وزارة الصحة فيما يخصها من أبحاث واستقصاء المشكلة في الإبل طالما أصابع الاتهام العلمية تشير إليها. لقد سمعنا بعض التصريحات التي لا تدل على شعور بالمسؤولية، لكننا لم نتوقع أن تشكك وزارة الزراعة صراحة في تقارير الصحة الأخيرة التي تتفق مع تقارير منظمة الصحة العالمية، كون الإبل طرفا مؤكدا في نقل المرض ــ كما صرح أحد مسؤوليها لصحيفة الحياة يوم الخميس الماضي، وزاد الطين بلة بدفاعه عن المقاطع التي بثتها مواقع التواصل الاجتماعي لرعاة الإبل وهم يقبلونها ويشربون حليبها على أنها نوع من الدعاية لها والدفاع عنها، بل وراح يفتي في المناعة والأجسام المضادة والمضادات الحيوية.
إلى هنا يجب أن نقول لكل المسؤولين الذين لا يدركون جيدا أهمية المسؤولية في ظروف كهذه: يجب عليكم أن تتوقفوا فورا عن هذه الممارسة الضارة بالمجتمع، ونقول لأصحاب القرار إنه لا بد من تدارك الأمر بإلزام الجهات ذات العلاقة بتنسيق عملها وتصريحاتها احتراما لصحة وعقول المجتمع.