• ×
  • دخول
  • 08:50 صباحًا , الخميس 16 شوال 1445 / 25 أبريل 2024 | آخر تحديث: 09-12-1445

معرض الكتاب والأنا    مترجم الأدب الصيني الوحيد    صاحب المعالي الجديد .. تلميح وتصريح    مكتبة في بكين    قصة تطرف يرويها أصحابها    الجنادرية 31 .. من خلال رؤية 2030    لا وقت للضحك!    مسلمة في مدينة أميركية: درس من الإلهام    زوج هارب إلى الاستراحة    الملك في الشرقية   
فهد عامر الأحمدي

صفّح ما لم ترَهُ في حياتك

فهد عامر الأحمدي

 0  0  1109
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
في الحرب العالمية الثانية كانت القاذفات الأمريكية تعود لقواعدها بإصابات خطيرة في الجناح وأسفل الطائرة.. وهكذا ببساطة عمد سلاح الجو إلى تصفيح الجناح وأسفل الطائرة ضد رصاص المقاومة الألمانية.

ولكن؛ رغم ذلك لم ينخفض معدل سقوط القاذفات.. ولحل هذا اللغز استشار سلاح الطيران عالم رياضيات يدعى إبراهام وولد نصحهم بتصفيح المواقع التي لم يروها حتى الآن في أي طائرة تعود الى القاعدة (لماذا؟)

.. لأن الطائرات التي تعود الى القاعدة هي الطائرات التي نجت رغم إصابتها (وهذا دليل على أن إصابات الجناح وأسفل الطائرة ليست قاتله ولا تحتاج لتصفيح). في حين أن الطائرات التي لا تعود للقاعدة - ولم يرها أحد أصلاً - هي التي تصاب في أماكن قاتله وحساسة تتسبب بسقوطها فعلاً.

وهكذا تُركت الأجنحة وأسفل الطائرة على حالها، وتم تصفيح الذيل وخزانات الوقود وحجرة القيادة (في حين أن تصفيح كامل الطائرة يجعلها أثقل من قدرتها على الطيران) وهكذا ارتفعت نسبة الطائرات العائدة للقاعدة والناجية من رصاص الألمان!!

وهكذا هي حياة الإنسان؛ فنحن بدورنا نتعرض لإصابات خطيرة، ولكن ليست كلها مميتة أو تمنعنا من العودة لقواعدنا بنجاح.. لهذا السبب يجب أن تصفح نفسك (ليس ضد المخاطر التي مررت بها ونجوت منها في الماضي) بل ضد المخاطر التي لم ترها سابقاً ولا تتوقع حدوثها مستقبلاً.

لا أنكر صعوبة ما مررت به في الماضي، ولكنه على الأقل لم يقتلك واكتسبت حياله خبرة ومناعة.. الخطير فعلاً هو مالم تره بعد، ولا تعرف احتمالات حدوثه غداً.. هل فكرت مثلاً باحتمالات إصابتك مستقبلا - لا قدر الله - بحادث مميت أو سكته قلبية أو سرطان بنكرياس أو خسارة المشروع الذي يوفر رزقك.. إن لم تفعل ذلك عليك البدء منذ الآن بتصفيح نفسك والاهتمام جدياً بمبدأ التأمين والسلامة في كل ما تفعله وتحاول إنجازه في حياتك.. يجب أن تصفح نفسك بعمل تحاليل خاصة بأعظم قاتلين للبشر (القلب والسرطان) وأن تؤمن على حياتك وممتلكاتك لدى شركة موثوقة (لضمان تدفق المال في حال خسارتك، ولعائلتك في حال خسارتهم لك)!!

لا تهتم كثيرا بالإحصائيات واحتمالات الوفاة لأنها تظل بعيدة ونادرة ولن تطالك غالباً.. تأمل معي مثلاً الاحتمالات التالية:

- 340 ممن يعيشون اليوم سيكونون في أعداد المتوفين العام القادم.

- احتمال موتك بسبب التدخين يساوي واحداً من200 مدخن!

- واحتمال موتك وأنت تقود سيارتك واحد في كل 30000 مشوار!

- واحتمال موتك في غرفة العمليات واحد من 40,000 مريض!

- واحتمال موتك من جراء الوقوع من الدرج يزيد بسبع مرات عن احتمال موتك بتحطم طائرة!

هذه الاحتمالات (رغم أنها موثقة من أرشيف الوفيات في أمريكا) لا يجب أن ترعبك بل على العكس تؤكد أنك إنسان محظوظ (كونك مازلت على قيد الحياة رغم تدخينك مع 199 شخصاً غيرك) كما تؤكد نجاتك من آلاف المشاوير في السيارة، وضآلة احتمال موتك في طائرة أو مرورك أساساً بأي عملية خطيرة..

باختصار شديد،

لا تخشَ أي احتمالات خطيرة لأن مجرد وجودها، أو مرورك بها في الماضي، يؤكد أنك نجوت منها فعلاً (بدليل انك تقرأ اليوم هذا المقال)..

مايجب أن تخشاه فعلاً - وتُصفّح حياتك من أجله - هو مالم يحدث لك حتى الآن، ولا يعلم أحد مدى تأثيره عليك وإصابتك في مقتل سواك!!

 0  0  1109
التعليقات ( 0 )

جديد المقالات

أكثر
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 08:50 صباحًا الخميس 16 شوال 1445 / 25 أبريل 2024.